الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القسم الثاني من الفصل الأول من الباب الأول .

[ أوقات الضرورة والعذر ]

فأما أوقات الضرورة ، والعذر ، فأثبتها كما قلنا فقهاء الأمصار ، ونفاها أهل الظاهر ، وقد تقدم سبب اختلافهم في ذلك .

واختلف هؤلاء الذين أثبتوها في ثلاثة مواضع : أحدها : لأي الصلوات توجد هذه الأوقات ، ولأيها لا ؟ والثاني : في حدود هذه الأوقات ، والثالث : في من هم أهل العذر الذين رخص لهم في هذه الأوقات ، وفي أحكامهم في ذلك ( أعني : من وجوب الصلاة ومن سقوطها .

المسألة الأولى

[ الصلوات التي لها أوقات ضرورة وعذر ]

اتفق مالك ، والشافعي على أن هذا الوقت هو لأربع صلوات : للظهر ، والعصر مشتركا بينهما ، والمغرب والعشاء كذلك ، وإنما اختلفوا في جهة اشتراكهما على ما سيأتي بعد ، وخالفهم أبو حنيفة فقال : إن هذا الوقت إنما هو للعصر فقط ، وأنه ليس ههنا وقت مشترك .

وسبب اختلافهم في ذلك هو اختلافهم في جواز الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما على ما سيأتي بعد ، فمن تمسك بالنص الوارد في صلاة العصر ( أعني الثابت من قوله - عليه الصلاة والسلام - " من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل مغيب الشمس فقد أدرك العصر " ) وفهم من هذا الرخصة ، ولم يجز الاشتراك في الجمع لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا يفوت وقت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى " ولما سنذكره بعد في باب الجمع من حجج الفريقين - قال : إنه لا يكون هذا الوقت إلا لصلاة [ ص: 86 ] العصر فقط . ومن أجاز الاشتراك في الجمع في السفر قاس عليه أهل الضرورات ; لأن المسافر أيضا صاحب ضرورة وعذر ، فجعل هذا الوقت مشتركا للظهر والعصر ، والمغرب والعشاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية