الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ درس ] ( و ) ندب ( قنوت ) أي دعاء ( سرا بصبح ) ( فقط ) لو قال وإسراره لأفاد أن كل واحد مندوب استقلالا ( و ) ندب ( قبل الركوع و ) ندب ( لفظه ) المخصوص ( وهو ) أي لفظه ( اللهم إنا نستعينك إلى آخره ) ولا يضم إليه [ ص: 249 ] اللهم اهدنا فيمن هديت إلخ على المشهور فلو أتى بقوله اللهم اهدنا إلخ سرا قبل الركوع يصبح لفاته مندوب واحد وهكذا ( و ) ندب ( تكبيره ) أي المصلي مطلقا ( في ) وقت ( الشروع ) في الركن ليعمره به وكذا تسميعه ( إلا ) تكبيره ( في قيامه من اثنتين ) أي بعد فراغه من تشهده الواقع بعد ركعتين ( فلاستقلاله ) قائما وأخر مأموم قيامه حتى يستقل إمامه ( و ) ندب ( الجلوس كله ) واجبا كان أو سنة ومحط الندب قوله ( بإفضاء ) إلخ أي ندب كونه بإفضاء ورك الرجل ( اليسرى ) وأليتيه ( للأرض و ) نصب الرجل ( اليمنى عليها ) أي على اليسرى ( و ) باطن ( إبهامها ) أي اليمنى ( للأرض ) فتصير رجلاه معا من الجانب الأيمن مفرجا فخذيه ( و ) ندب ( وضع يديه على ركبتيه بركوعه ) مكرر مع قوله وندب تمكينهما منهما والأولى كما في بعض النسخ إسقاط بركوعه وجر لفظ وضع عطفا على قوله بإفضاء اليسرى فهو من تمام صفة الجلوس ويكون قوله على ركبتيه على حذف مضاف أي على قرب ركبتيه ( و ) ندب ( وضعهما حذو أذنيه أو قربهما ) متوجهين إلى القبلة ( بسجود ) ندب ( ومجافاة ) أي مباعدة ( رجل فيه ) أي في سجوده ( بطنه فخذيه ) أي عن فخذيه ( و ) ندب مباعدة ( مرفقيه ركبتيه ) أي عنهما مجافيا لهما عن جنبيه مجنحا بهما تجنيحا وسطا وندب تفريق ركبتيه ثم ندب ما ذكره في فرض كنفل لم يطول فيه لا إن طول فله وضع ذراعيه على فخذيه لطول السجود فيه ومفهوم رجل أن المرأة يندب كونها منضمة في ركوعها وسجودها ( و ) ندب ( الرداء ) [ ص: 250 ] لكل مصل ولو نافلة كما هو ظاهره وهو ما يلقيه على عاتقيه وبين كتفه فوق ثوبه وطوله ستة أذرع وعرضه ثلاثة وتأكد لأئمة المساجد ففذها فأئمة غيرها .

التالي السابق


( قوله : وندب قنوت ) ما ذكره المصنف من كونه مستحبا هو المشهور وقال سحنون إنه سنة وقال يحيى بن عمر إنه غير مشروع وقال ابن زياد من تركه فسدت صلاته وهو يدل على وجوبه عنده انظر ح ( قوله : أي دعاء ) أشار بهذا إلى أن المراد بالقنوت هنا الدعاء لأنه يطلق في اللغة على أمور منها الطاعة والعبادة كما في { إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا } ومنها السكوت كما في { وقوموا لله قانتين } أي ساكتين في الصلاة لحديث زيد بن أرقم { كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام } ومنها القيام في الصلاة ومنه قوله : عليه الصلاة والسلام { أفضل الصلاة طول القنوت } أي القيام ومنها والدعاء يقال قنت له وعليه أي دعا له وعليه .

( قوله : لأفاد أن كل واحد مندوب استقلالا ) أي كما هو الواقع وأما قول عبق وخش لما كان السر صفة ذاتية للقنوت لم يعطفه بالواو فغير صحيح كما في بن وإنما ندب الإسرار به لأنه دعاء وهو يندب الإسرار به حذرا من الرياء ( قوله : بصبح فقط ) أي لا بوتر ولا يفعل في سائر الصلوات عند الحاجة إليه كغلاء أو وباء خلافا لمن ذهب لذلك لكن لو وقع لا تبطل الصلاة به كما قال سند والظاهر أن حكم القنوت في غير الصبح الكراهة وإنما ترك المصنف العطف في قوله بصبح لأن الصبح تعيين للمكان الذي يشرع فيه لما علمت من كراهته في غيره ولو عطف لاقتضى أنه إذا أتى به في غير الصبح فعل مندوبا وهو أصل القنوت وفاته مندوب مع أن فعله في غيره مكروه تأمل ( قوله : وندب قبل الركوع ) أي لما فيه من الرفق بالمسبوق ولو نسي القنوت ولم يتذكر إلا بعد الانحناء لم يرجع له وقنت بعد رفعه من الركوع فلو رجع له بعد الانحناء بطلت صلاته ولا يقال بعدم البطلان قياسا على الراجع للجلوس بعد استقلاله قائما لأن الجلوس أشد من القنوت ألا ترى أنه لو ترك السجود للجلوس لبطلت صلاته بخلاف القنوت وأيضا الراجع للقنوت قد رجع من فرض متفق على فرضيته وهو الركوع لغير فرض بخلاف الراجع للجلوس فإنه رجع من فرض مختلف في فرضيته وهو القيام للفاتحة لغير فرض ( قوله : اللهم إنا نستعينك إلخ ) أي ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك [ ص: 249 ] نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق ولم يثبت في رواية الإمام ونثني عليك الخير نشكرك ولا نكفرك وإنما ثبتت في رواية غيره كما قرره شيخنا العدوي ونخنع بالنون مضارع خنع بالكسر ذل وخضع ونخلع أي نزيل ربقة الكفر من أعناقنا ونترك من يكفرك أي لا نحب دينه فلا يعترض بجواز نكاح الكتابية ومعاملة الكفار ، ونحفد نخدم وملحق بالكسر معناه لاحق وبالفتح بمعنى أن الله يلحقه بالكافرين وهما روايتان .

( قوله : اللهم اهدنا فيمن هديت إلخ ) أي كرهت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وقنا واصرف عنا شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يعز من عاديت ولا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت فلك الحمد على ما أعطيت نستغفرك ونتوب إليك ( قوله : في وقت الشروع ) أي بحيث يبتدئ التكبير في كل ركن عند الشروع في أوله ولا يختمه إلا مع آخره ويجوز قصره على أوله وآخره إلا أنه خلاف الأولى وكذا سمع الله لمن حمده ( قوله : وكذا تسميعه ) أي كذا يندب أن يكون تسميعه في وقت شروعه في الركن ليعمره به ( قوله : فلاستقلاله قائما ) أي فيستحب تأخيره عند استقلاله قائما للعمل ولأنه كمفتتح صلاة وحمل قيام الثلاثية على الرباعية فلو كبر قبل استقلاله ففي إعادته بعده قولان ولو كان الإمام شافعيا يكبر حال القيام فالظاهر صبر المأموم المالكي بتكبيره حتى يستقل بعده قائما ( قوله : واجبا كان ) أي كبين السجدتين وللسلام وقوله أو سنة أي كالجلوس للتشهدين ( قوله : بإفضاء ) أي حالة كونه مصورا بإفضاء أي بوضع الرجل اليسرى على الأرض ويصح جعل الباء للمصاحبة أي حال كون الجلوس مقارنا لهذه الهيئة فإن لم يكن مقارنا لها حصلت السنة وفات المستحب ( قوله : ورك الرجل اليسرى ) ويلزم من إفضاء ورك اليسرى بالأرض إفضاء ساقها للأرض فترك النص على إفضاء الساق لذلك فاندفع ما يقال لا حاجة لتقدير ورك لأن الإفضاء للأرض به وبالساق ( قوله : وأليتيه ) الأولى وأليته بالإفراد لأن الألية اليمنى مرفوعة عن الأرض إلا أن يقال إن في الكلام خذف مضاف أي وإحدى أليتيه ( قوله : ونصب الرجل اليمنى ) الأولى ووضع ساق الرجل اليمنى عليها وقوله أي على اليسرى الأولى على قدمها ( قوله : وباطن إبهامها ) أي والحال أن باطن إبهامها للأرض ( قوله : مفرجا فخذيه ) حال أي فتصير رجلاه معا كائنتين من الجانب الأيمن حالة كونه مفرجا فخذيه ( قوله : كما في بعض النسخ ) هذه النسخة ذكرها ابن غازي وكأنها إصلاح ا هـ بن .

( قوله : فهو من تمام صفة الجلوس ) أي لأن وضع اليدين على آخر الفخذين في الجلوس مستحب كما نقله ح عن ابن بشير ( قوله : أو قربهما ) ظاهر المصنف كالرسالة تساوي الحالتين ونص الرسالة تجعل يديك حذو أذنيك أو دون ذلك لكن الذي في شب وكبير خش أن أو لحكاية الخلاف وأنه إشارة لقول آخر ولم يعلم من كلامهما مقدار القرب الذي يقوم مقام المحاذاة في الندب فإنه يحتمل أن يكون بحيث تكون أطراف أصابعه محاذية للأذنين ويحتمل أن تكون أطراف الأصابع أنزل منهما ( قوله : ومجافاة رجل إلخ ) اعلم أن للسجود سبع مندوبات ذكر المصنف منها اثنين وهما مباعدة البطن عن الفخذين ومباعدة المرفقين عن الركبتين وبقي مجافاة ذراعيه عن فخذيه ومجافاتهما أيضا عن جنبيه وتفريقه بين ركبتيه ورفع ذراعيه عن الأرض وتجنيحه بهما تجنيحا وسطا وقد ذكر الشارح بعض ذلك وترك بعضه ( قوله : مجافيا ) أي مباعدا لهما أي المرفقين ( قوله : في فرض ) أي سواء طول فيه أم لا ( قوله : يندب كونها منضمة ) [ ص: 250 ] أي بحيث تلصق بطنها بفخذيها ومرفقيها بركبتيها ( قوله : لكل مصل ) أي سواء كان إماما أو فذا أو مأموما كان يصلي فرضا أو نفلا إلا المسافر فلا يندب له استعمال الرداء كما ذكر شيخنا في حاشية خش .

( قوله : على عاتقيه ) ظاهره أن العاتقين غير الكتفين وأنه لا يضع الرداء على الكتفين وليس كذلك فالأولى أن يقول وهو ما يلقيه على عاتقيه أي كتفيه دون أن يغطي به رأسه فإن غطاها به ورد طرفه على أحد كتفيه صار قناعا وهو مكروه للرجل لأنه من سنة النساء إلا من ضرورة حر أو برد وما لم يكن من قوم شعارهم ذلك وإلا لم يكره كما تقدم في الانتقاب كذا في بن .

( قوله : وتأكد ) أي ندب استعمال الرداء .




الخدمات العلمية