الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1217 ) فصل : ولا بأس أن يصلي بمكة إلى غير سترة ، وروي ذلك عن ابن الزبير ، وعطاء ، ومجاهد . قال الأثرم ، قيل لأحمد : الرجل يصلي بمكة ، ولا يستتر بشيء ؟ فقال : قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ثم ليس بينه وبين الطواف سترة . قال أحمد : لأن مكة ليست كغيرها ، كأن مكة مخصوصة . وذلك لما روى كثير بن كثير بن المطلب ، عن أبيه ، عن جده المطلب ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حيال الحجر ، والناس يمرون بين يديه . رواه الخلال بإسناده . وروى الأثرم ، بإسناده عن المطلب ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سعيه ، جاء حتى يحاذي الركن بينه وبين السقيفة ، فصلى ركعتيه في حاشية المطاف ، وليس بينه وبين الطواف أحد .

                                                                                                                                            وقال ابن أبي عمار : رأيت ابن الزبير جاء يصلي ، والطواف بينه وبين القبلة ، تمر المرأة بين يديه ، فينتظرها حتى تمر ، ثم يضع جبهته في موضع قدمها . رواه حنبل ، في كتاب " المناسك " .

                                                                                                                                            وقال المعتمر ، قلت لطاوس : الرجل يصلي - يعني بمكة - فيمر بين يديه الرجل والمرأة ؟ فقال : أولا يرى الناس بعضهم بعضا . وإذا هو يرى أن لهذا البلد حالا ليس لغيره من البلدان ، وذلك لأن الناس يكثرون بمكة لأجل قضاء نسكهم ، ويزدحمون فيها ، ولذلك سميت بكة ، لأن الناس يتباكون فيها ، أي : يزدحمون ويدفع بعضهم بعضا ، فلو منع المصلي من يجتاز بين يديه لضاق على الناس ، وحكم الحرم كله حكم مكة في هذا ، بدليل ما روى ابن عباس ، قال : أقبلت راكبا على حمار أتان ، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار . متفق عليه .

                                                                                                                                            ولأن الحرم كله محل المشاعر والمناسك ، فجرى مجرى مكة في ما ذكرناه . [ ص: 41 ] فصل : ولو صلى في غير مكة إلى غير سترة ، لم يكن به بأس ، لما روى ابن عباس ، قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم في فضاء ليس بين يديه شيء . رواه البخاري . وروي عن الفضل بن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في باديتهم فصلى إلى غير سترة . ولأن السترة ليست شرطا في الصلاة ، وإنما هي مستحبة .

                                                                                                                                            قال أحمد ، في الرجل يصلي في فضاء ليس بين يديه سترة ولا خط : صلاته جائزة . وقال : أحب أن يفعل ، فإن لم يفعل يجزئه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية