الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن دام حدثه كمستحاضة ) وسلس ( كفاه نية الاستباحة ) وغيرها مما مر كمن لم يدم حدثه ولو ماسح الخف ( دون ) نية ( الرفع ) للحدث أو الطهارة عنه ( على الصحيح فيهما ) أي في إجزاء نية نحو الاستباحة وحدها وعدم إجزاء نية نحو الرفع وحدها ؛ لأن حدثه لا يرتفع وقيل لا بد من جمعهما لتكون الأولى للاحق والمقارن والثانية للسابق وعلى الأصح يسن الجمع بينهما خروجا من هذا الخلاف وقيل تكفي نية الرفع لتضمنها الاستباحة ، ويرد بمنع علته على أنه لو سلم كان لازما بعيدا ، وهو لا يكتفي به في النيات وحكمه في نية ما يستبحه حكم المتيمم ، ويأتي إجزاء نيته لرفع الحدث إن أراد [ ص: 196 ] به رفعه بالنسبة لغرض فقط فكذا هنا وبه يندفع زعم أن تفسير رفع الحدث برفع حكمه فيما مر يلزمه صحة نية السلس له بهذا المعنى ووجه اندفاعه أن رفع حكمه عام وهو مختص بالسليم وخاص ، وهو الجائز للسلس ومجدد الوضوء لا تحصل له سنة التجديد إلا بنية مما مر حتى نية الرفع أو الاستباحة على ما قاله ابن العماد وهو قريب إن أراد صورتهما كما أن معيد الصلاة ينوي بها الفرض وزعم أن ذاك في المعادة خارج عن القواعد ممنوع كيف والشيء لا يسمى تجديدا ومعادا إلا إن أعيد بصفته الأولى ويؤخذ منه أن الإطلاق هنا كاف كهو ثم فلا تشترط إرادة الصورة بل أن لا يريد الحقيقة اكتفاء بانصرافها لمدلولها الشرعي هنا من الصورة بقرينة التجديد هنا كالإعادة ثم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله للحدث ) ضبب بينه وبين عنه ( قوله : يسن الجمع بينهما خروجا من هذا الخلاف ) قال في شرح الروض لتكون نية الرفع للحدث السابق ونية الاستباحة أو نحوها للاحق قال ، فإن قلت نية الاستباحة ونحوها تفيد الرفع كنية رفع الحدث فالغرض يحصل بها وحدها قلت لا إذ الغرض الخروج من الخلاف وهو إنما يحصل بما يؤدي المعنى مطابقة لا التزاما وذلك بجمع النيتين انتهى .

                                                                                                                              ( قوله : ويرد بمنع إلخ ) فيه أنه لا وجه لهذا المنع لظهور أن رفع الحدث يستلزم إباحة الصلاة فالتضمن صحيح لا يقال قد يرتفع الحدث ولا تباح الصلاة لوجود مانع آخر ؛ لأنه لو التفت لهذا لم تصح هذه النية من السليم فتأمله ( قوله : كان لازما بعيدا ) فيه نظر ؛ لأن اللازم البعيد ما كثرت وسائطه وهذا مفقود هنا بل لا واسطة هنا أصلا

                                                                                                                              [ ص: 196 ] ؛ لأنه إذا تحقق الرفع تحققت إباحة الصلاة فتأمله ( قوله : حتى نية الرفع أو الاستباحة ) المعتمد عند شيخنا الشهاب الرملي أنه لا يكفي المجدد نية الرفع أو الاستباحة ( قوله وزعم أن ذاك في المعادة خارج عن القواعد ) وأيضا فقد قيل أن الفرض إحداهما لا بعينها ( قوله : كيف إلخ ) قد ينظر في هذا الدليل بأنه لو تم توقف صحة التجديد أو تسميته تجديدا على حصول عين النية في الأول في الثاني وليس كذلك



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وسلس ) إلى قوله ، ويرد في النهاية والمغني إلا قوله كمن إلى المتن وقوله أو الطهارة عنه ( قوله : وسلس ) أي سلس بول أو نحوه نهاية ومغني فكان الأنسب تقديمه على قوله وعلى الأصح إلخ كما فعله النهاية والمغني إلا أن يقال أخره ليرده بما يأتي ( قوله : عنه ) أي عن الحدث سم ( قوله : في أجزاء نية الاستباحة وحدها إلخ ) بدل من فيهما في المتن ( قوله ؛ لأن حدثه إلخ ) علة للمعطوف فقط عبارة النهاية والمغني أما الاكتفاء بنية الاستباحة فبالقياس على التيمم .

                                                                                                                              وأما عدم الاكتفاء برفع الحدث فلبقاء حدثه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وقيل لا بد إلخ ) هو مقابل الصحيح في المسألة الأولى وقوله الآتي وقيل تكفي إلخ مقابله في الثانية ( قوله : كمن لم يدم إلخ ) لا يخفى ما في هذا القياس ( قوله : ولو ماسح الخف ) غاية لما في المتن ( قوله : وعلى الأصح ) الأولى الصحيح كما في النهاية أو الأول كما في المغني ( قوله : يسن الجمع إلخ ) أي لتكون نية الرفع للحدث السابق ونية الاستباحة أو نحوها للاحق والمقارن ( قوله : وقيل إلخ ) عبارة المغني والنهاية والأسنى ، فإن قيل نية الاستباحة وحدها تفيد الرفع كنية رفع الحدث فالغرض يحصل بها وحدها أجيب بأن الغرض الخروج من الخلاف ، وهو إنما يحصل بما يؤدي المعنى مطابقة لا التزاما وذلك إنما يحصل بجمع النيتين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويرد إلخ ) فيه أنه لا وجه لهذا المنع لظهور أن رفع الحدث يستلزم إباحة الصلاة فالتضمن صحيح وقوله كان لازما بعيدا فيه نظر ؛ لأن اللازم البعيد ما كثرت وسائطه وهذا مفقود هنا بل لا واسطة هنا أصلا ؛ لأنه إذا تحقق الرفع تحققت إباحة الصلاة سم على حج ا هـ ع ش ( قوله وحكمه في نية إلخ ) لعل في العبارة قلبا والأصل [ ص: 196 ] وحكم نيته فيما يستبيحه عبارة النهاية والمغني وحكم نية دائم الحدث فيما يستبيحه من الصلوات حكم المتيمم حرفا بحرف ، فإن نوى استباحة فرض استباحه وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله : م ر حرفا بحرف هذا إذا نوى الاستباحة فلو نوى الوضوء أو فرض الوضوء أو أداء الوضوء هل يستبيح الفرض والنفل أو النفل أجاب عنه الشهاب الرملي بأنه يستبيح النفل لا الفرض تنزيلا له على أقل درجات ما يقصد له غالبا أقول وقد يفرق بينهما بأن الصلاة مشتركة بين الفرض والنفل فصدقها على أحدهما كصدقها على الآخر فحملت على أقل الدرجات بخلاف الوضوء أو ما في معناه فإن المقصود منه رفع المانع مطلقا فعمل به وكان نيته كنية استباحة النفل والفرض معا وقد يجعل العدول إليه دون نية الاستباحة قرينة عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبه يندفع إلخ ) أي بقوله فكذا هنا ( قوله : بهذا المعنى ) أي رفع الحكم ( قوله : عام ) أي وهو المتبادر بجيرمي ( قوله : حتى نية الرفع أو الاستباحة ) المعتمد عند شيخنا الشهاب الرملي أنه لا يكفي المجدد نية الرفع أو الاستباحة سم واعتمده النهاية والمغني وشيخنا أيضا وزاد الأول ومثل ما ذكر أي في امتناع نية الرفع أو الاستباحة أو الطهارة عن الحدث وضوء الجنب إذا تجردت جنابته أي عن الوضوء لما يستحب له الوضوء من أكل أو نوم أو نحوه كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ا هـ بزيادة عن ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : وهو قريب ) وفي الإيعاب الذي يتجه فيما لو نذر التجديد أنه تكفيه نية الوضوء له ونحوه دون نية الرفع والاستباحة ، وإن قلنا في التي قبلها أي الوضوء المجدد بالاكتفاء بأحدهما فيه ؛ لأن القصد ثمة حكاية الأول ؛ لأنه المقصود دون الثاني بخلافه هنا ا هـ كردي ( قوله خارج عن القواعد ) وأيضا أن الصلاة اختلف فيها هل فرضه الأولى أم الثانية ولم يقل أحد في الوضوء بذلك فافترقا نهاية ومغني وسم .

                                                                                                                              ( قوله : كيف إلخ ) قد ينظر في هذا الدليل بأنه لو تم توقف صحة التجديد أو تسميته تجديدا على حصول عين النية في الأول في الثاني وليس كذلك سم ( قوله ويؤخذ منه ) أي من قوله كما أن معيد الصلاة إلخ ( قوله : إن الإطلاق إلخ ) أي بدون ملاحظة شيء من الحقيقة والصورة ونحوها




                                                                                                                              الخدمات العلمية