الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وندب تحسين هيئة ، وجميل ثياب ، وطيب ، [ ص: 437 ] ومشي ، وتهجير ، وإقامة أهل السوق مطلقا بوقتها ، وسلام خطيب لخروجه [ ص: 438 ] لا صعوده ، وجلوسه أولا ، وبينهما ، وتقصيرهما والثانية أقصر ، ورفع صوته ، واستخلافه لعذر : حاضرها ، وقراءة فيهما ، وختم الثانية بيغفر الله لنا ولكم ، وأجزأ اذكروا الله يذكركم ، [ ص: 439 ] وتوكؤ على كقوس ، وقراءة الجمعة ، وإن لمسبوق ، و { هل أتاك } . وأجاز بالثانية : بسبح أو المنافقون

التالي السابق


( وندب ) أي تأكد لمريد حضورها ( تحسين هيئة ) كقص شارب وظفر ونتف إبط واستحداد إن احتاج لذلك وسواك . وقد يجب إن كانت رائحته كريهة وتوقفت إزالتها عليه ( وجميل ) أي بياض ( ثياب ) أي لبسه ولو عتيقا وجميل العيد الجديد ولو غير أبيض . وإن كان يوم الجمعة عيدا لبس الجديد غير الأبيض قبل صلاة الجمعة وبعدها ; لأنه مطلوب لليوم لا لصلاة العيد ، والأبيض غير الجديد حال صلاة الجمعة ، وإن كان الجديد أبيض لبسه اليوم كله .

( و ) ندب ( طيب ) أي تطيب بطيب مذكر ، وهو ما يظهر ريحه ويخفى لونه كمسك وزبد ، أو مؤنث ، وهو ما يظهر لونه ويخفى ريحه كورد وياسمين للملائكة الواقفين على أبواب المساجد يكتبون الأول فالأول ، وربما صافحوه أو لمسوه ولا حظ لهم من الدنيا إلا الرائحة الطيبة ، وهذه المندوبات الثلاثة خاصة بالرجال ومحرمة على النساء المريدات حضور الجمعة خشية الفتنة في محل العبادة . [ ص: 437 ]

( و ) ندب ( مشي ) على قدميه في ذهابه فقط تواضعا لسيده الذي هو ذاهب لعبادته واغتناما لتحريمه على النار لقوله صلى الله عليه وسلم { من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار } ، أي طاعة الله . وشأن الماشي الاغبرار ، وإن اتفق عدمه في قريب المنزل واغبرار قدم الراكب نادر فالاغبرار لازم للمشي عادة ، فأطلق اسم اللازم وأريد ملزومه ، وهو المشي على طريق الكناية . وأما في رجوعه فلا يندب له المشي لانقضاء العبادة .

( و ) ندب ( تهجير ) أي ذهاب لها في الهاجرة أي شدة الحر ويكره التبكير خشية الرياء ولمخالفة عمل السلف الصالح من النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده وسائر الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم ، وذلك في الساعة السادسة التي يليها الزوال ، وهي المقسمة في الحديث إلى الساعات أي الأجزاء ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم { من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر } هذا الذي ذهب إليه الباجي وشهره الرجراجي . وقال ابن العربي التقسيم الساعة السابعة التي تلي الزوال . ورد بأن الإمام يخرج للخطبة في أولها وتحضر الملائكة لاستماعها .

( و ) ندب للإمام ( إقامة أهل السوق ) أي أمرهم بالقيام منها وترك البيع والشراء ( مطلقا ) عن التقييد بمن تلزمهم الجمعة وصلة إقامة ( بوقت ) خطبة الجمعة وصلات ( ها ) من جلوس الإمام على المنبر إلى سلامه من الصلاة ، وأقيم من لا تلزمه لئلا يشتغل بال من تلزمه لاختصاصه بالربح فيضر من تلزمه . ولئلا يكون ذريعة لاشتغال من تلزمه عنها بالبيع والشراء مع من لا تلزمه فإقامته من المصالح العامة .

( و ) ندب ( سلام خطيب ) على الجماعة الذين في المسجد ( لخروجه ) على الناس [ ص: 438 ] للخطبة أي عنده ، وإن كان السلام في ذاته سنة ورده فرض كفاية ( لا ) يندب سلامه عند انتهاء ( صعوده ) أي الخطيب على المنبر فيكره ، ولا يجب رده ; لأنه معدوم شرعا ، وهو كالمعدوم حسا قاله البرموني . واستظهر البدر وجوب رده ( و ) ندب ( جلوسه ) أي الخطيب على المنبر ( أولا ) بفتح الهمز وشد الواو أي عقب صعوده إلى الأذان ( و ) جلوسه ( بينهما ) أي الخطبتين للفصل بينهما والاستراحة . ابن عات قدر { قل هو الله أحد } وهذا من السهو لأن الجلوس الأول سنة على المشهور . وقيل مندوب ، والثاني سنة اتفاقا بل قيل بفرضيته .

( و ) ندب ( تقصيرهما ) أي الخطبتين ( والثانية أقصر ) من الأولى ندبا ( و ) ندب ( رفع صوته ) بهما للمبالغة في الإسماع والجهر شرط في صحتهما ( و ) ندب ( استخلافه ) أي الخطيب ( لعذر ) حصل له فيهما أو بعدهما فإن لم يستخلف ندب لهم أن يستخلفوا ( حاضرها ) أي الخطبة هذا محط الندب . وأصل الاستخلاف مندوب من الإمام وواجب من المأمومين إن لم يستخلف الإمام ( و ) ندب ( قراءة في أولاهما ) { ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في خطبته الأولى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا } إلى قوله تعالى { فوزا عظيما } } ابن يونس ينبغي أن يقرأ في الأولى سورة تامة من قصار المفصل .

( و ) ندب ( ختم الثانية ب يغفر الله لنا ولكم ، وأجزأ ) أي كفى في حصول المندوب أن يقول في ختمها بدل يغفر الله لنا ولكم ( اذكروا الله يذكركم ) والأول أفضل . وأما ختمها بقوله تعالى { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } الآية ، فظاهر كلامهم [ ص: 439 ] أنه غير مطلوب ، وأول من قرأها في آخرها عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه عوضا عما كان يختم به بنو أمية خطبهم من سب علي رضي الله تعالى عنه لكن عمل أهل المدينة على خلافه .

( و ) ندب ( توكؤ ) بفتح المثناة والواو وضم الكاف مشددة يليها همز استناد حال الخطبة ( على كقوس ) بفتح القاف وسكون الواو عربي لطولها ، وقربها من الاستقامة ، وأدخلت الكاف السيف والعصي ، وهي أولى منهما .

( و ) ندب ( قراءة ) سورة ( الجمعة ) في الركعة الأولى للإمام بل ( وإن ل ) شخص ( مسبوق ) بها فيندب له قراءتها في قضائها ظاهره كالمدونة ، وإن لم يقرأها الإمام ، وهو كذلك ( وهل أتاك ) في الثانية ( وأجاز ) الإمام مالك رضي الله تعالى عنه القراءة ( ب ) الركعة ( الثانية ) أي فيها ( بسبح ) اسم ربك الأعلى ( أو المنافقون ) فيخير بين الثلاثة هذا هو الذي حمل عليه المصنف قول ابن الحاجب وفي الثانية هل أتاك أو سبح والمنافقون . واحتج له بكلام ابن عبد البر والباجي والمازري ، ولم يعرج على قول ابن عبد السلام إنها أقوال . وقيل الاقتصار على هل أتاك مذهب المدونة والتخيير بين الثلاثة قول الكافي .




الخدمات العلمية