الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ورابعها دوام سفره إلى عقد الثانية كما سيذكره بقوله ولو جمع تقديما فصار إلى آخره ( وإذا أخر ) الصلاة ( الأولى ) إلى وقت الثانية ( لم يجب الترتيب ) بينهما ( و ) لا ( الموالاة و ) لا ( نية الجمع ) في الأولى ( على الصحيح ) ; لأن الوقت هنا للثانية ، والأولى هي التابعة فلم يحتج لشيء من تلك الثلاثة ; لأنها إنما اعتبرت ثم لتحقق التبعية لعدم صلاحية الوقت للثانية . نعم تسن هذه الثلاثة هنا والثاني يجب ذلك كما في جمع التقديم ، وفرق الأول بما تقدم من التعليل ( و ) الذي ( يجب ) هنا أمران : أحدهما دوام سفره إلى تمامهما وسيذكره ، وثانيهما ( كون التأخير بنية الجمع ) أي يجب أن ينوي [ ص: 279 ] قبل خروج وقت الأولى ; لأن التأخير قد يكون معصية كالتأخير لغير الجمع ، وقد يكون مباحا كالتأخير له فلا بد من نية تميز بينهما ، ولو قدم النية على الوقت كما لو نوى في أول السفر أنه يجمع كل يوم لم تكفه على أشبه احتمالين ذكرهما الروياني عن والده ; لأن الوقت لا يصلح للجمع ، والقياس على نية الصوم غير صحيح لخروجها عن القياس فلا يقاس عليها ، ويؤخذ من قوله : الجمع اشتراط نية إيقاعها في وقت الثانية ، فلو نوى التأخير فقد عصى وصارت الأولى قضاء ، ولا بد من وجود النية المذكورة في زمن لو ابتدئت الأولى فيه لوقعت أداء ، كذا في الروضة وأصلها نقلا عن الأصحاب ، وفي المجموع وغيره عنهم ، وتشترط هذه النية في وقت الأولى بحيث يبقى من وقتها ما يسعها أو أكثر ، فإن ضاق وقتها بحيث لا يسعها عصى وصارت قضاء ، وهو مبين كما قال الشارح : إن مراده بالأداء في الروضة الأداء الحقيقي بأن يأتي بجميع الصلاة قبل خروج وقتها ، بخلاف الإتيان بركعة منها في الوقت والباقي بعده ، فتسميته أداء بتبعية ما بعد الوقت لما فيه كما تقدم في كتاب الصلاة ، وقد علم مما تقرر أن كلام الروضة محمول على كلام المجموع خلافا لبعضهم ، إذ كل من التعبيرين منقول عن الأصحاب ، فالمراد بهما واحد ، والمعول عليه في الجمع بينهما ما أفاده الشارح ، والفرق بينه وبين جواز القصر لمن سافر وقد بقي من الوقت ما يسع ركعة واضح فإن المعتبر ثم كونها مؤداة ، والمعتبر هنا أن تميز النية هذا التأخير عن التأخير تعديا ، ولا يحصل إلا وقد بقي من الوقت ما يسع الصلاة ، ولا ينافيه قولهم إنها صارت قضاء ; لأنها فعلت خارج وقتها الأصلي وقد انتفى شرط التبعية في الوقت ، كذا أفادنيه الوالد رحمه الله تعالى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قول المصنف لم يجب الترتيب إلخ ) لا يقال : لو قال لم يجب شيء مما تقدم كان أخصر ; لأنا نقول : التعبير به لا يعلم منه ما يقوله الثاني ، بخلاف ما ذكره حيث جعل قوله على الصحيح راجعا لكل من الثلاث .

                                                                                                                            ( قوله : ولا نية الجمع في الأولى ) أي كما أنها لا تجب في الثانية .

                                                                                                                            ( قوله : بما تقدم من التعليل ) هو قوله لأن الوقت هنا للثانية .

                                                                                                                            ( قوله : أي يجب أن ينوي ) أي بأن يقول : نويت تأخير الأولى لأفعلها في وقت الثانية ، فإن لم يأت بما ذكر كان لغوا . [ ص: 279 ] قال سم : لأن مطلق التأخير صادق بالتأخير الممتنع ا هـ . وكتب شيخنا الشوبري ما نصه : قد تقدم أنه يكفي في القصر نية صلاة الظهر ركعتين وإن لم ينو ترخصا ، ومطلق الركعتين صادق بالركعتين لا على وجه القصر فليحرر وفرق واضح بينهما ا هـ وقد يقال : يفرق بينهما بأن وصف الظهر مثلا بكونه ركعتين لا يكون إلا قصرا ، فماصدق القصر وصلاة الظهر ركعتين واحد ، ولا كذلك مجرد تأخير الظهر فإنه يصدق بالتأخير مع عدم فعلها في وقتها فكان صادقا بالمراد وبغيره فامتنع ، ولا كذلك صلاة الظهر ركعتين .

                                                                                                                            ( قوله : والقياس على نية الصوم ) أي حيث صحت بعد الغروب مع تقدمها على وقتها ، وهو طلوع الفجر .

                                                                                                                            ( قوله : لخروجها ) أي نية الصوم .

                                                                                                                            ( قوله : في وقت الثانية ) أي ولو في وقت لا يسعها كلها كأن نوى تأخير الظهر ليفعلها في آخر وقت العصر بعد فعلها وقد بقي من وقت العصر ما لا يسع الظهر بكمالها ; لأنه وإن عصى بالتأخير لذلك الوقت هو لأمر خارج عما يتعلق بالوقت فأشبه ما لو نوى تأخير غير المجموعة إلى وقت لا يسعها .

                                                                                                                            ( قوله : ما يسعها أو أكثر ) أي مقصورة إن أراد القصر وإلا فتامة فدخلت حالة الإطلاق ا هـ زيادي . ولا يشرط أن يضم إلى ذلك قدر إمكان زمن الطهارة لإمكان تقديمها .

                                                                                                                            ( قوله : بأن يأتي بجميع الصلاة ) معتمد ( قوله ما يسع الصلاة ) أي كاملة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 279 ] ( قوله : لأنها فعلت ) هو وجه عدم المنافاة ، وقوله : وقد انتفى شرط التبعية وهو نية التأخير على الوجه المار ، وأشار بهذا إلى الرد على شيخ الإسلام .




                                                                                                                            الخدمات العلمية