الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 531 ] وفي الجوهرة : ويكره للإمام التنفل في مكانه لا للمؤتم ، وقيل يستحب كسر الصفوف . وفي الخانية يستحب للإمام التحول ليمين القبلة يعني يسار المصلي لتنفل أو ورد . وخيره في المنية بين تحويله يمينا وشمالا وأماما وخلفا وذهابه لبيته ، واستقباله الناس بوجهه ولو دون عشرة ، [ ص: 532 ] ما لم يكن بحذائه مصل ولو بعيدا على المذهب .

التالي السابق


( قوله يكره للإمام التنفل في مكانه ) بل يتحول مخيرا كما يأتي عن المنية ، وكذا يكره مكثه قاعدا في مكانه مستقبل القبلة في صلاة لا تطوع بعدها كما في شرح المنية عن الخلاصة ، والكراهة تنزيهية كما دلت عليه عبارة الخانية ( قوله لا للمؤتم ) ومثله المنفرد ، لما في المنية وشرحها : أما المقتدي والمنفرد فإنهما إن لبثا أو قاما إلى التطوع في مكانهما الذي صليا فيه المكتوبة جاز ، والأحسن أن يتطوعا في مكان آخر . ا هـ . ( قوله وقيل يستحب كسر الصفوف ) ليزول الاشتباه عن الداخل المعاين للكل في الصلاة البعيد عن الإمام ، وذكره في البدائع والذخيرة عن محمد ، ونص في المحيط على أنه السنة كما في الحلية ، وهذا معنى قوله في المنية : والأحسن أن يتطوعا في مكان آخر . قال في الحلية . وأحسن من ذلك كله أن يتطوع في منزله إن لم يخف مانعا ( قوله لتنفل أو ورد ) أقول : عبارته في الخزائن قلت : يحتمل أنه لأجل التنفل أو الورد . ا هـ . فدل على أن ذلك ليس من كلام الخانية . والذي رأيته في الخانية صريح في أنه للتنفل ( قوله وخيره إلخ ) الضمير المنصوب للإمام ، لكن التخيير الذي في المنية هو أنه إن كان في صلاة لا تطوع بعدها ، فإن شاء انحرف عن يمينه أو يساره أو ذهب إلى حوائجه واستقبل الناس بوجهه ، وإن كان بعدها تطوع وقام يصليه يتقدم أو يتأخر أو ينحرف يمينا أو شمالا أو يذهب إلى بيته فيتطوع ثمة . ا هـ .

وهذا التخيير لا يخالف ما مر عن الخانية لأنه لبيان الجواز وذاك لبيان الأفضل ، ولذا علله في الخانية وغيرها بأن لليمين فضلا على اليسار ، لكن هذا لا يخص يمين القبلة ، بل يقال مثله في يمين المصلي ، بل في شرح المنية أن انحرافه عن يمينه أولى ، وأيده بحديث في صحيح مسلم وصحح في البدائع التسوية بينهما وقال : لأن المقصود من الانحراف وهو زوال الاشتباه أي اشتباه أنه في الصلاة يحصل بكل منهما ، وقدمنا عن الحلية أن الأحسن من ذلك كله تطوعه في منزله ، لما في سنن أبي داود بإسناد صحيح { صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة } قلت : وإلا التراويح كما سيأتي في باب الوتر والنوافل مع زيادات أخر ، ثم إذا شاء الذهاب انصرف من جهة يمينه أو يساره ، فقد صح الأمران عنه صلى الله عليه وسلم وعليه العمل عند أهل العلم كما قال الترمذي . وذكر النووي أنه عند استواء الجهتين في الحاجة وعدمها ، فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين في باب المكارم ونحوها كما في الحلية ( قوله ولو دون عشرة ) أي أن الاستقبال مطلق لا تفصيل فيه بين عدد وعدد على ما ذكره في الخلاصة وغيرها . ولا يلتفت إلى ما ذكره بعض شراح المقدمة ، من أن الجماعة إن كانوا عشرة يلتفت إليهم لترجح حرمتهم على حرمة القبلة ، وإلا فلا لترجح حرمة القبلة على الجماعة ، فإن هذا الذي ذكره لا أصل له في الفقه ، وهو رجل مجهول لا تشبه ألفاظه ألفاظ أهل الفقه ، فضلا عن أن يقلد فيما ليس له أصل . والذي رواه موضع كذب على النبي صلى الله عليه وسلم بل حرمة المسلم الواحد أرجح من حرمة القبلة ، غير أن الواحد لا يكون خلف الإمام حتى يلتفت إليه ، بل هو عن يمينه .

[ ص: 532 ] فلو كانا اثنين كانا خلفه فليلتفت إليهما للإطلاق المذكور . ا هـ . ونازعه في الإمداد بأنه ذكر ذلك في مجمع الروايات شرح القدوري عن حاشية البدرية عن أبي حنيفة فليتأمل ( قوله ولو بعيدا على المذهب ) صرح به في الذخيرة أخذا من إطلاق محمد في الأصل قوله إذا لم يكن بحذائه رجل يصلي ; ثم قال في الذخيرة : هذا هو ظاهر المذهب لأنه إذا كان وجهه مقابل وجه الإمام في حالة قيامه يكره وإن كان بينهما صفوف . واستظهر ابن أمير حاج في الحلية خلاف هذا فقال : الذي يظهر أنه إذا كان بين الإمام والمصلي بحذائه رجل جالس ظهره إلى المصلي لا يكره للإمام استقبال القوم ; لأنه إذا كان سترة للمصلي لا يكره المرور وراءه فكذا هنا ; وقد صرحوا بأنه لو صلى إلى وجه إنسان وبينهما ثالث ظهره إلى وجه المصلي لم يكره ، ولعل محمدا لم يقيد بذلك للعلم به ا هـ ملخصا فافهم ، والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية