الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج قالت فأمرت جاريتي بريرة تتبعه فتبعته حتى جاء البقيع فوقف في أدناه ما شاء الله أن يقف ثم انصرف فسبقته بريرة فأخبرتني فلم أذكر له شيئا حتى أصبح ثم ذكرت ذلك له فقال إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          573 575 - ( مالك ، عن علقمة بن أبي علقمة ) بلال المدني ، مولى عائشة ، وهو علقمة بن أم علقمة ، ثقة علامة ، مات سنة بضع وثلاثين ومائة ( عن أمه ) مرجانة ، وتكنى بابنها ، تابعية ثقة ، وهي مولاة عائشة بلا خلاف ( أنها قالت : سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج فأمرت جاريتي بريرة ) بموحدة مفتوحة وراءين بلا نقط بينهما تحتية ساكنة ثم هاء ، صحابية مشهورة ، عاشت إلى زمن يزيد بن معاوية ( تتبعه ) لتستفيد علما ، ويحتمل غيرة منها مخافة أن يأتي بعض حجر نسائه ، وقد روي ذلك ، قاله الباجي .

                                                                                                          ( فتبعته حتى جاء البقيع ) بالموحدة اتفاقا ( فوقف في أدناه ) أقربه ( ما شاء الله أن [ ص: 135 ] يقف ثم انصرف فسبقته بريرة فأخبرتني ) بما فعل ( فلم أذكر له شيئا حتى أصبح ، ثم ذكرت ذلك له فقال : إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم ) قال ابن عبد البر : يحتمل أن الصلاة هنا الدعاء والاستغفار وأن تكون كالصلاة على الموتى خصوصية له ; لأن صلاته على من صلى عليه رحمة ، فكأنه أمر أن يستغفر لهم ، وللإجماع على أنه لا يصلى على قبر مرتين ، ولا يصلى على قبر من صلي إلا بحدثان ذلك ، وأكثر ما قيل ستة أشهر ، قال : وأما بعثه ومسيره إليهم فلا يدرى لمثل هذا علة ، ويحتمل أن يكون ليعلمهم بالصلاة منه عليهم ; لأنه ربما دفن منهم من لم يصل عليه كالمسكينة ، ومثلها من دفن ليلا ولم يشعر به ليكون مساويا بينهم في صلاته عليهم ولا يؤثر بعضهم بذلك ليتم عدله ، وجاء حديث حسن يدل على أن ذلك كان منه حين خير فخرج إليه كالمودع للأحياء والأموات ، ثم أخرجه عن أبي مويهة مرفوعا : " إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع ، فاستغفر لهم ثم انصرف فأقبل علي فقال : يا أبا مويهة إن الله قد خيرني في مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة ولقاء ربي فاخترت لقاء ربي ، فأصبح من تلك الليلة فبدأه وجعه الذي مات منه - صلى الله عليه وسلم - " . وهذا الحديث رواه النسائي عن محمد بن سلمة والحارث بن مسكين كلاهما عن ابن القاسم عن مالك به .




                                                                                                          الخدمات العلمية