الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يستحب للمصلي أن يكون بين يديه سترة من جدار ، أو سارية ، أو غيرهما . ويدنو منها بحيث لا يزيد بينهما على ثلاثة أذرع وإن كان في صحراء ، غرز عصا ونحوها ، أو جمع شيئا من رحله أو متاعه . وليكن قدر مؤخرة الرحل ، فإن لم يجد شيئا شاخصا ، خط بين يديه خطا ، أو بسط مصلى . وقال إمام الحرمين والغزالي : لا عبرة بالخط . والصواب ما أطبق عليه الجمهور وهو الاكتفاء بالخط كما إذا استقبل شيئا شاخصا .

                                                                                                                                                                        قلت : وقال جماعة : في الاكتفاء بالخط قولان للشافعي . قال في ( القديم ) [ ص: 295 ] و ( سنن ) حرملة : يستحب . ونفاه في ( البويطي ) لاضطراب الحديث الوارد فيه وضعفه .

                                                                                                                                                                        واختلف في صفة الخط . فقيل : يجعل مثل الهلال . وقيل : يمد طولا إلى جهة القبلة . وقيل : يمده يمينا وشمالا . والمختار استحباب الخط ، وأن يكون طولا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ثم إذا صلى إلى سترة ، منع غيره من المرور بينه وبين السترة . وكذا ليس لغيره أن يمر بينه وبين الخط على الصحيح . وقول الجمهور : كالعصا . وهل هو منع تحريم ، أو تنزيه ؟ وجهان . الصحيح : منع تحريم . وللمصلي أن يدفعه ، ويضربه على المرور ، وإن أدى إلى قتله . ولو لم يكن سترة ، أو كانت وتباعد منها ، فالأصح : أنه ليس له الدفع لتقصيره .

                                                                                                                                                                        قلت : ولا يحرم حينئذ المرور بين يديه ، لكن الأولى تركه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو وجد الداخل فرجة في الصف الأول فله أن يمر بين يدي الصف الثاني ويقف فيها ، لتقصير أصحاب الثاني بتركها . قال إمام الحرمين : والنهي عن المرور والأمر بالدفع إذا وجد المار سبيلا سواه ، فإن لم يجد وازدحم الناس فلا نهي عن المرور ولا يشرع الدفع . وتابع الغزالي إمام الحرمين على هذا ، وهو مشكل ففي الحديث الصحيح في ( البخاري ) خلافه . وأكثر كتب الأصحاب ساكتة عن تقييد المنع بما إذا وجد سواه سبيلا .

                                                                                                                                                                        قلت : الصواب أنه لا فرق بين وجود السبيل وعدمه . فحديث البخاري صريح في المنع . ولم يرد شيء يخالفه ، ولا في كتب المذهب لغير الإمام ما يخالفه . وقال أصحابنا : ولا تبطل الصلاة بمرور شيء بين يدي المصلي ، سواء مر رجل أو امرأة أو كلب أو حمار ، أو غير ذلك . وإذا صلى إلى سترة فالسنة [ ص: 296 ] أن يجعلها مقابلة ليمينه أو شماله ولا يصمد لها . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية