الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الباب الثاني .

[ معرفة أعمال الوضوء ] - وأما معرفة فعل الوضوء : فالأصل فيه ما ورد من صفته في قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) . وما ورد من ذلك أيضا في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الآثار الثابتة ، ويتعلق بذلك مسائل اثنتا عشرة مشهورة تجري مجرى الأمهات ، وهي راجعة إلى معرفة الشروط والأركان وصفة الأفعال وأعدادها وتعيينها وتحديد محال أنواع أحكام جميع ذلك .

المسألة الأولى من الشروط

[ نية الوضوء ]

اختلف علماء الأمصار هل النية شرط في صحة الوضوء أم لا ؟ بعد اتفاقهم على اشتراط النية في العبادات لقوله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) ولقوله - صلى الله عليه وسلم - " إنما الأعمال بالنيات " الحديث المشهور . فذهب فريق منهم إلى أنها شرط ، وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد وأبي ثور وداود .

وذهب فريق آخر إلى أنها ليست بشرط ، وهو مذهب أبي حنيفة والثوري .

وسبب اختلافهم تردد الوضوء بين أن يكون عبادة محضة ( أعني : غير معقولة المعنى ، وإنما يقصد بها القربة فقط ) كالصلاة وغيرها ، وبين أن يكون عبادة معقولة المعنى كغسل النجاسة ، فإنهم لا يختلفون أن العبادة المحضة مفتقرة إلى النية ، والعبادة المفهومة المعنى غير مفتقرة إلى النية ، والوضوء فيه شبه من العبادتين ، ولذلك وقع الخلاف فيه ، وذلك أنه يجمع عبادة ونظافة ، والفقه أن ينظر بأيهما هو أقوى شبها فيلحق به .

التالي السابق


الخدمات العلمية